
إن الحياة الزوجية في الإسلام كما أخبرنا بها الله عز وجل في كتابه الكريم هى ميثاق غليظ، عليه يقوم بناء الأسرة وصلاح المجتمع، قد وضع الإسلام ما يضمن لنا سلامة الحياة الأسرية، لكن فى ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي فنحن نرى كثير من الأزواج والزوجات قد تعاملوا مع مواقع التواصل الاجتماعي بصورة خاطئة، جدًا فقد نرى الزوج ينشر غضبه من زوجته في إهماله لها بشكل ما، وقد تنشر الزوجة أيضًا شعورها بالوحدة بسبب غياب زوجها
وكل هذا يكون علانيةً أمام الناس جميعًا ولم يلتفت كلاهما أن هذا كله محرم من الله تعالى بشكل تام، وأدى ذلك إلى انهيار العلاقات الزوجية التى نعيشها في هذه الحياة.
وقد حرص الإسلام على وضع تشريعات للأسرة المسلمة تحفظ به كيانها وتمنع عنها التوتر والقلق، وقد حرم الله تعالى إفشاء اسرار البيوت في كتابه الكريم لقوله:( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)- «سورة النساء: الآية 34».
بل إن الإسلام يمنع إفشاء أسرار منزل الزوجية حتى في حال الطلاق، فلا يتوقف حق الزوج والزوجة بانتهاء الزواج ذلك لقول رسول الله ﷺ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِى إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» فيجب علينا جميعًا التمسك بالقرآن والسنة للحفاظ على أسرار بيوتنا لدوام استمرار الحياة دون أية مشاكل.
وذلك لأن كل ما يحدث داخل البيت من تصرفات وسلوكيات ومشاعر ينبغى أن تكون من الأمور الخاصة بالزوجين، فلا ينبغى أن يبادر أحدهما بالحديث عنه للآخرين، فالزوجة يجب أن تكون حافظة لأسرار بيتها وزوجها، وذلك امتثالًا لحديث رسول الله ﷺ: "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك".
وهذا خير دليل على أن المحافظة على أسرار الحياة الزوجية لا ينبغى أن يتوقف عند الحياة الزوجية الخاصة، بل هناك جوانب أخرى يجب الوقوف عندها، فمنها ما يتعلق بالخلافات بين الزوجين أو الخلافات بين أحدهما وبين الأبناء، منها ما يتعلق بالمأكل والمشرب وأحوال الأسرة المادية، وكل ذلك له حرمته فلا يجوز لأحد من الزوجين أن يتحدث عنه لأي طرف خارج نطاق الأسرة، فلا يجوز للزوجة مثلًا، أن تنقل لأسرتها أسرارًا خاصة بما بينهما وما يمتلكه الزوج من أموال من عمله، أو إذا كان يعاني من مرض معين، فلا يجب أن تتحدث عنه لأي شخص مهما كانت صلة القرابة بينهما، وكذلك الزوج عليه أن يصون زوجته ويحفظ أسرارهما.
تكثر الخلافات الزوجية التي تنتج من إفشاء الأسرار داخل البيت، لذا لا بُد من التوضيح لهذه الأسباب لتجنب الوقوع بها، ومن أشهرها ما يلي:
1. التدخل المبالغ فيه من قبل الأهل: فهو أحد أهم الأسباب التي تجعل أحد الزوجين يفشي أسرار البيت، حيث الإصرار على معرفة ما يحدث من قبل الأهل تجعل أحد الأطراف يضطر للحديث عما يدور بداخله من أسرار بيت الزوجية.
2. عدم إيجاد الحلول لتراكم الخلافات الزوجية: قد يكون سبب انفعال أحد الطرفين في مشكلة ما، ويمكن نتيجة لهذا الانفعال أن يتحدث الشخص عن الأسرار دون أن يركز في ما يقول، فيجب التحكم في الكلمات التي تخرج من فمنا أمام الناس.
3. وجود فارق في العمر بين الزوجين: قد يسبب هذا وجود حالة من عدم التفاهم بين الزوجين، مما يجعل أحدهما يلجأ، لأن يحكي لشخص ما يشعر بالراحة معه في الحديث، حتى يجد له حلًا وهذه ليست فضفضة، في معظم الأحيان، بل نسميها إفشاءً للأسرار داخل البيت، مهما كانت صلة الشخص الذي نحكي له، لذا لا بد أن نعي جيدًا ما نقول حتى لا نخرج أسرار البيت مهما كانت المشكلة.
4. الإهمال من قبل أحد الأطراف: وهذا الإهمال قد يحدث نتيجة الانشغال بالحياة، وما يواجههما من متطلبات الحياة، هذا الإهمال قد يؤدي إلى الإحساس بالفتور في العلاقة الزوجية بينهما، وغالبًا ما يتكون هذا الشعور لدى النساء بصورة أكبر لأنها بطبعها حساسة للغاية، ويجب على الزوج الاهتمام بهذه المسألة وعدم تركها، لدرجة أن يجعلها تبوح بأسرار تلك العلاقة الباردة، وبالتالي تتعرض الحياة الزوجية لخلافات عديدة.
والخلاصة، على الأزواج والزوجات أن يتقوا الله في الكلمات التي تخرج من ألسنتهم، حتى لو كانت مزاحًا، فلا مزاح أو ضحك فى أسرار البيوت! كما عليهم أن يربوا أولادهم على حفظ الأسرار وستر العورات، وأن يعطي هذه الصفة حقها من التقدير والحماية.