تقول أم بدأت المشاكل والمعارك مع ابنتي الأكبر سنًا عندما كانت طفلة صغيرة، لدي صور لهذه الصغيرة التي كانت تقف على بُعد مسافة بعيدة مني في الحديقة، وذراعاها مطويتان بتحدٍ وعيناها تلمعان وكأنها تقول "لا يمكن أن أفعل ما تريدين يا سيدتي، وليس أمي!"، ولدي حتى شريط فيديو لها وهي تقول في الكاميرا بسخطٍ، "أنا أم أيضًا لدميتي! أنا مسؤولة الآن! ".
فهناك بعض الأطفالِ مبرمجين لمناطحة رؤوس مع والديهم ندًا بند، أُطلِق على كل واحدٍ منهم اسم الطفل العنيد أو الطفل العنيف أو الطفل قوي الإرادة أو أي شيء تريده، إذا كنت تعيش مع أحد هؤلاء الأطفال فأنت عليك أن تعلم أن الأساليب المباشرة لجعل أطفالك العنيدين يتبعون توجيهاتك أو يتصرفون كما تريد غالبًا لا تنجح فهم يريدون أن يكونوا مسؤولين، لكن بالطبع أنت كذلك!
فالطفل الذي يدفعك سلوكه بعيدًا للغضب والصراخ هو طفل يحتاج إلى اتصال قبل أي شيء آخر، ولكن دعونا نعترف بأن المزاجية هي شيء وُلدنا به، وبالطبع إن أطفالكم لديهم مزاج وإذا اتبعنا مزاجيتهم سيكون إنذارًا أحمرًا لكم، لأن الطريقة التي تتعامل بها مع هؤلاء الأطفال ستحدث فرقًا كبيرًا في نوع البالغين الذي يتحولون إليه كما يقول جميع الآباء تقريبًا، فإن الأطفال الصغار والعند يسيران معًا مثل زبدة الفول السوداني والهلام ( الجلي) يمكن أن يحدث في أي عمر.
أُجرِيت مؤخرًا مقابلة صغيرة مع أم عاملة لابنتها البالغة من العمر خمس سنوات، والتي غالبًا ما تواجه مثل هذه التحديات ووفقًا لها، فإن تربية طفل عنيد هي حقا مهمة صعبة، عند سؤالها عن التحدي الأكثر تميزًا وفريدًا الذي كان عليها مواجهته أمام صفة العند، هذا ما أجابته ...
"أريد مثلثات !!!" كان طفلها الصغير جالسًا على السفرة ولكن مربوطًا بأحزمة حتى أعلى رئتيه، بينما كانت تضع أمامه شطيرة الجبن، والتي قُطعت إلى مستطيلات.
وأضافت "تقريبًا في كل مرة أقوم فيها بتقطيع شطائره إلى مثلثات كما يريد، لكن في ظهر ذلك اليوم كنتُ أحتاج إلى النوم ومرهقةً جدًا وفي وادٍ آخر بسبب التعب، ولسبب ما مرت السكين بطريقة أخرى خاطئة عكس ما يحب"
"مثلثات!!!" صرخ ابني مرة أخرى.
تنهدت وقالت " كانت هذه هي اللحظة التي اضطررت فيها إلى تحديد كيفية التعامل مع طفلي العنيد بهذا الشكل، ولقد قررت شيئًا حتى لو أردت أن أفعل ذلك له، كنت مقررةً ومتأكدةً تمامًا من عدم صنع شطيرة أخرى له مع علمي أيضًا أنه سيرفض لمس الساندويتش لأن ذلك الآخر لا تفي بالمواصفات المتعلقة بالشكل كما يطلبها هو دومًا".
قد تكون هذه قصتكم أيضًا مع صفة العند! ولا عجب أن الطلبات البسيطة أو التوبيخ اللطيف سوف ينهار إلى صراعات على السلطة بين الوالدين والأبناء، حيث لا يوجد منطق سيقنع الطفل العنيد الغاضب بالتنازل، الأطفال ذوو الإرادة القوية سيرفضون الاستجابة لأي من حيل الانضباط التي تتبعها أنت كوالدٍ، في حين أن عنادهم قد يخدمهم جيدًا في المستقبل إلى حد ما.
ومن هنا، جاءت مفاجأة أن الدراسات تؤكد إن الأطفال العنيدين من المرجح أن يصبحوا بالغين ناجحين؟!.
قد يكون التعامل مع طفل عنيد للغاية موقفًا محبطًا لأي والد، بينما ينشغل العديد من الآباء في القتال مع أطفالهم حول وضع الألعاب أو تناول الخضار، لأنه مفيد وقد يشعر آباء آخرون بالقلق من أن هذا العناد قد يعيق الطفل في المستقبل بينما يحق للوالدين دائمًا القلق دائمًا على أبنائهم، تظهر الدراسات الحديثة أنه يمكن أن يكون هناك رابط بين العناد والنجاح في المستقبل.
العناد هو سمة يتم التعرف عليها لأول مرة عندما يكون الطفل مجرد طفل صغير، ويحاول أحد الوالدين تعليم ابنه مهارات وقيم مثل، الاحترام لطفله في سنٍ مبكرة، ولكنهم يجدون صعوبة دائمًا في جعل طفله العنيد يستمع إليك وللأسف، ستستمر هذه السمة بعد ذلك في سنوات المراهقة وحتى مرحلة البلوغ، ولكن نبشرك أنه برغم أن عناد أطفالك قد يدفعك إلى الجنون، لكن تظهر الأبحاث أنه سيساعدهم على الأرجح على النجاح في الحياة.
وجدت دراسة أجرتها جمعية علم النفس الأمريكية عام 2015 أن هناك صلة بين عناد الطفولة والنجاح المهني في المستقبل، انتهت الدراسة بمتابعة مجموعة متنوعة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 12 عامًا وصنفتهم على مجموعة متنوعة من الخصائص، بما في ذلك الاستحقاق والتحدي ثم انتظرت الدراسة 40 عامًا لترى كيف ظهر الأطفال في مرحلة البلوغ وكانت النتائج مذهلة.
توصلت دراسة التي تمتد إلى 40 عامًا إلى أن الأطفال الذين يتسمون بصفة العند في سن مبكرة هم أكثر عرضة للنجاح كبالغين وتابعت الدراسة، التي نُشرت في مجلة علم النفس الأمريكية، 700 طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و 52 عامًا.
بحثت في كيف يمكن للسلوك في مرحلة الطفولة المتأخرة أن يتنبأ بنجاح المشاركين في وقت لاحق من الحياة، وما إذا كان العناد عاملًا في تحقيق وظائف البالغين أم لا؟ فقام الباحثون بفحص كيفية تأثير الوضع الاجتماعي للوالدين على الأطفال.
في بداية التجربة، نظر الباحثون في سلوك الأطفال بما في ذلك عدم الانتباه، والشعور بالدونية، ونفاد الصبر، وكسر القواعد، وتحدي السلطة الأبوية وقُيم الأطفال بناءً على سماتهم الشخصية غير المعرفية، بما في ذلك الاستحقاق والضمير الأكاديمي، ثم أعادوا فحص نفس الأطفال وهم كبار، بحثًا عن نفس السمات بعد 40 عامًا ثم قام الفريق بفحص السمات الشخصية الأكثر شيوعًا بين الأطفال الذين نشأوا ليكونوا الأكثر نجاحًا.
وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين يخالفون القواعد بشكل متكرر ويتحدون والديهم وكانوا طلابًا مسؤولين، هم الذين استمروا في تحقيق إنجازات عالية وكسب أكبر في حياتهم المهنية ومع ذلك، فقد أخذ الباحثون بعين الاعتبار معدل الذكاء الخاص بالمشاركين ومعدل ذكائهم في سن 12 عامًا في النتائج التي توصلوا إليها.
يمكن أن تكون تربية الأطفال العنيدين تحديًا عندما تحاول أن تشرح لطفلك للمرة الألف سبب ضرورة ارتداء الجوارب في الشتاء أو إقناع طفلك في مرحلة ما قبل المدرسة بأن الأطعمة الخضراء ليست سامة حقًا، فقد ترغب في إلقاء يديك خارج أمره كاملةً في حالة من اليأس، قد يساعدك البحث الجديد حيث يقدم لك حقنة جديدة من المنظور لتلك الأيام التي تكون فيها على وشك فقدان أعصابك.
يبدو أن العناد ليس مفيدًا فقط لدفع الوالدين إلى الإلهاء والاختناق والصراخ إنه أيضًا مؤشر جيد حقًا لنجاح الطفل في المستقبل في الحياة ولكن لنبشرك ابنك العنيد سوف يصبح عظيمًا.
في حين أن هناك مواقف يكون فيها العند ميزة واضحة، إلا أنها لا تزال سمة يجب التحكم فيها سينتهي الأمر بمعظم الأطفال العنيدين، أو الأشخاص العنيدين عمومًا إلى التعلم بالطريقة الصعبة، بحيث أنه ليس من الجيد دائمًا أن تكون منغلقًا عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأطفال العنيدين، فهناك مجموعة متنوعة من النصائح التي يجب اتباعها وهذا ما سنتناوله في المقالة القادمة ولكن تمهيدًا لها، نذكركم بنصيحة عظيمة ألا وهي أن تحافظ على أن يكون لديك خط اتصال مفتوح بصفتك أبٍ ومسؤول، عليك أن تأخذ الوقت الكافي للتحدث مع الطفل لسماع ما يفكر فيه وكيف يشعر.